أسباب تحوّل توقعات النمو الاقتصادي لليابان إلى التشاؤم - أقرأ 2

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وكانت التوقعات الإيجابية بشأن الآفاق الاقتصادية لليابان قائمة في نهاية العام الماضي، وكان هذا دليلا ملحوظا على ثقة اليابان في مواجهة البيئة الخارجية الراكدة التي أصبحت عائقا أمام هذا البلد. والتي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.

يعد استطلاع توقعات إجماع بلومبرج أداة مفيدة لتتبع المشاعر المتغيرة بشأن التطورات الاقتصادية الكلية الرئيسية.

وتورد هذه الدراسات المعيارية توقعات المحللين ومراكز الفكر وبيوت الأبحاث.

وفي نهاية العام الماضي، أشار الإجماع إلى أن الوتيرة المتوقعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليابان تبلغ 0.95% لعام 2024، وهو أعلى بشكل مشجع من المتوسط ​​السنوي البالغ 0.75% منذ عام 2000.

ومع ذلك، بدأ هذا التفاؤل الأولي يتعثر عندما تغيرت المعنويات بسبب الزلزال الذي ضرب الدولة الآسيوية في يوم رأس السنة الجديدة، وما تلا ذلك من إشارات على تراجع الاقتصاد مع ظهور مؤشرات رئيسية.

وفي الربع الثاني من عام 2024، كان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان أعلى بنسبة 0.1٪ فقط من ذروة ما قبل الأزمة في الربع الثالث من عام 2022، مما يعني أن الاقتصاد نما على أقل تقدير منذ خمس سنوات.

وفي سبتمبر، انخفضت توقعات النمو لهذا العام إلى 0.05% فقط.

هناك ثلاثة عوامل تفسر هذا التغيير

يناقش التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني ثلاثة عوامل رئيسية تفسر التحول الكبير في آفاق النمو الاقتصادي في اليابان.

ويظهر التقرير الأسبوعي لبنك QNB أن العامل الأول هو الاستهلاك غير المستدام، والذي لا يزال يشكل عائقاً رئيسياً أمام النمو الاقتصادي.

ويمثل الاستهلاك نحو 60% من اقتصاد اليابان، وبالتالي فهو عامل رئيسي في تحديد أدائه.

وعلى الرغم من التعافي القوي بعد وباء كوفيد، شهد استهلاك الغذاء انخفاضا مستمرا على أساس سنوي منذ ديسمبر من العام الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، ظل متوسط ​​الاستهلاك في العام الحالي أقل بنسبة 4.5% عن متوسط ​​ما قبل الجائحة في 2022-2022، وأقل بنسبة 0.4% عن المستوى المسجل في عام 2023.

ويضيف تقرير QNB أن السبب الرئيسي وراء ضعف الزيادة في الإنفاق هو ارتفاع التضخم الذي أدى إلى انخفاض القوة الشرائية للدخل، مما أثر على نفقات الأسرة.

وفي يوليو/تموز، ارتفعت أجور العمال المعدلة وفقاً للتضخم بنسبة 0.4% على أساس سنوي، ولكن هذا لا يمثل سوى فترة راحة طفيفة من فترة طويلة من النمو السلبي، حيث لا تزال الأجور الحقيقية أقل بنسبة 2% من الذروة التي بلغتها في عام 2022.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشكلة شيخوخة السكان تؤدي إلى تفاقم العوامل السلبية التي تؤثر على الاستهلاك. فالمستهلكون اليابانيون الأكبر سنا أكثر حذرا فيما يتعلق بإنفاقهم من الأجيال الشابة، ويميلون إلى إعطاء الأولوية للادخار، والاعتماد على مدخرات التقاعد وحجم إنفاقهم على الضروريات مثل الصحة.

وعلى صعيد الاستهلاك، تؤثر هذه الاتجاهات السلبية على أداء الاقتصاد الياباني.

وانخفض الطلب الأجنبي

النقطة الثانية، كما يشير QNB، هي انخفاض الطلب الخارجي، وهو ما يظهر ضعف دعمه لنمو الاقتصاد الياباني، الذي يعتبر مندمجاً بشكل كبير مع الاقتصاد العالمي.

تستمر السياسات الحمائية والحواجز التجارية في البناء بشكل مطرد في جميع أنحاء العالم وسط تصاعد التوترات السياسية.

بالإضافة إلى ذلك، مع نهاية وباء كوفيد، بدأت أنماط الاستهلاك عملية تطبيع نحو الخدمات وبعيدا عن السلع، مما تسبب في مزيد من التوتر في قطاع الإنتاج العالمي.

وفي هذا الوضع، من المتوقع أن يصل نمو التجارة العالمية هذا العام إلى 2-3%، أي نحو نصف متوسط ​​المعدل خلال الفترة 2000-2022.

وتؤدي هذه التوقعات التجارية إلى زيادة التشاؤم بشأن الاقتصاد الياباني، حيث تمثل الواردات 20% من الناتج المحلي الإجمالي وهي المحرك الرئيسي للإنتاج الصناعي.

وحتى الآن هذا العام، انخفضت صادرات اليابان المعدلة حسب تغيرات الأسعار بنسبة 1٪ عن العام الماضي.

ونظراً لأهميته بالنسبة لليابان، فإن تباطؤ التجارة العالمية يمثل تغيراً كبيراً في أدائها الاقتصادي.

تكاليف تمويل منخفضة

ويظهر التقرير أن العامل الثالث هو انخفاض معدلات الاستثمار، مما يعيق الناتج المحلي الإجمالي لليابان، حيث تظل الشركات حذرة من الالتزام برأس المال بسبب عدم اليقين الاقتصادي والبيئي العالمي وضعف الطلب المحلي.

وبالإضافة إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي، فإن الشيخوخة السكانية في اليابان ونقص العمالة تعمل أيضاً على الحد من إمكانية تحقيق عوائد استثمارية مرتفعة، الأمر الذي يضعف النمو الاقتصادي الإجمالي.

وانخفضت مستويات الاستثمار بنسبة 0.4% في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ومع أن الاستثمارات تمثل 25% من اقتصاد اليابان، فإن تباطؤ الإنفاق يعيق وتيرة النمو الاقتصادي.

ويتوقع التقرير أن يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان دون تغيير هذا العام وسط توقعات صعبة تتمثل في ركود الاستهلاك وضعف الطلب الأجنبي وتباطؤ الاستثمار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق